تلقى نادي برشلونة هزيمة مستحقة أمام غريمه باريس سان جيرمان على أرضية ملعب لويس كومبانيس، وهي نتيجة لم تقتصر تداعياتها على مجرد تبادل النقاط، بل امتدت لتثير جدلاً واسعاً حول الأسلوب التكتيكي الذي يتبعه المدير الفني هانز فليك مع الفريق الكتالوني. ففي حين أظهر الفريق الباريسي تنظيماً بدنياً متفوقاً وضغطاً عالياً متواصلاً على مدار التسعين دقيقة، كان برشلونة قاب قوسين أو أدنى من قلب موازين المباراة، لاسيما عبر المحاولات الخطيرة التي قادها كل من فيران توريس وراشفورد وأولمو، والتي اصطدمت جميعها بخط المرمى أو بتدخلات حاسمة من الحارس شيفالييه. ولو أن هذه الفرص قد ترجمت إلى أهداف، لكان الحديث اليوم يدور عن انتصار تاريخي على بطل أوروبا، بدلاً من الإشادة المطلقة بأداء باريس سان جيرمان.
السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بقوة في أروقة النقد الكروي هو: هل تحول النظام الدفاعي المتقدم الذي يعتمده فليك من نقطة قوة محورية إلى ثغرة قاتلة تهدد استقرار الفريق؟ لقد أثار هذا الأسلوب دهشة الجميع في الموسم الماضي، حيث أثمر عن تتويج برشلونة بثلاثة ألقاب محلية، مما عكس فعالية وجدوى هذه المقاربة التكتيكية. إلا أنه ومع مرور الوقت وتطور أساليب المنافسين، بدأت بعض الفرق، مثل إسبانيول ورايو فاليكانو، في اكتشاف نقاط ضعف هذا النظام وإيجاد السبل الكفيلة بضربه.
تجلت هذه الإشكالية بوضوح صارخ في مواجهة أجنحة باريس سان جيرمان السريعة والمتحركة، حيث بدا اعتماد برشلونة على هذا النهج أشبه بـ”انتحار كروي”. وقد أقر فليك نفسه، في تصريحاته عقب المباراة، بأن الفريق كان بحاجة ماسة إلى إدارة الدقائق الأخيرة من اللقاء بذكاء وحنكة أكبر، وهو تلميح واضح إلى إمكانية إجراء بعض التغييرات الجذرية أو ربما إعادة النظر في جدوى هذا النظام الدفاعي المندفع.
إن التوازن الدقيق بين متعة الأداء الكروي الذي يُرضي الجماهير، وبين حقيقة أن النظام الدفاعي المندفع قد تسبب بالفعل في مشاكل كبرى لبرشلونة هذا الموسم، يضع فليك أمام تحدٍ تكتيكي حقيقي. فبينما يسعى الفريق لتقديم كرة قدم هجومية وممتعة، يتوجب عليه في الوقت ذاته معالجة الثغرات الدفاعية التي قد تكلفه غالياً في المواجهات الكبرى. ويتطلب هذا الوضع تقييماً شاملاً للنهج المتبع، مع التركيز على تعزيز الصلابة الدفاعية دون التضحية بالقدرة الهجومية التي طالما تميز بها النادي الكتالوني.
إن مستقبل أداء برشلونة تحت قيادة فليك سيعتمد بشكل كبير على قدرته على التكيف مع التحديات التكتيكية، وإيجاد الحلول المناسبة لموازنة الطموحات الهجومية مع الضرورات الدفاعية. ففي عالم كرة القدم الحديثة، يُعد النظام الدفاعي المتوازن حجر الزاوية لأي فريق يطمح لتحقيق الألقاب الكبرى والنجاح المستدام.
تابع الاخبار الرياضية على موقع كولاة لايف